حلم ولا علم
دور بحاله هيعملوها ....
تناول أمجد الحقيبة وكان قد حجز جناح له حيث اغتسل وبدل ملابسه ثم خرج لاخيه الذي ناوله علبة عصير وشطيرة ولكنه رفض تناول أي شيء فكل ما يشغله الآن كيف يرى هبة الى ان اهتدى لطريقة معينة!!....
اقنع أمجد علاء بالانصراف قائلا له انه سيخلد الى النوم وانه لو علم شيئا عن هبة سيخبرهم ثم ذهب الى غرفة العناية وحاول ان ينظر عبر زجاج الغرفة فلم يرى سوى جسدا ملقى على سرير واجهزة كثيرة موصولة به ....نظر حوله قليلا ثم رأى الممرضة المسؤولة عن العناية المركزة فذهب اليها ليقنعها ان تدعه يدخل اليها فرفضت وبشده ولكن بعد الحاح شديد منه اشفقت عليه وعلى حالته وهيئته المزرية فهو كما قال لها زوجها وكان اليوم هو الزفاف فوافقت شريطة الا يمكث اكثر من خمس دقائق كي لا يتسبب لها في مشاكل مع الطبيب المعالج انفرجت اسارير أمجد ووافق وضع أمجد كمامة على انفه لضمان عدم حدوث تلوث في الهواء للمريضة فتحت الممرضة له الغرفة وقالت بترجى
قال بلهفة وهو يلج الى الغرفة
ما تخافيش يا سيستر زى ما اتفقنا
فتركته وذهبت وقد اغلقت الباب خلفه ...
اقترب أمجد بخفه من السرير الابيض وراعه ما شاهده فقد كانت هبة نائمة وجهها شاحب وبشده يحاكى بياضه بياض الوساده التى ترقد عليها وشعرها الفتان يحيط بوجهها الصغير واجهزة كثيرة لا حصر لها ولا عدد موصولة بجسدها الصغير تناول أمجد كرسيا ووضعه بجانب سريرها وجلس عليه ثم مد يده وأمسك بيدها الموصوله بالمحاليل وبجهاز تتبع نبضات القلب في سبابتها مال على يدها فقبلها وهو يستنشق راحتها وقال بصعوبة وهو يغالب دموعه
ثم ضحك ضحكة صغيرة كلها حزن وتابع
انت عارفة .. انا اتعودت على عصبيتك وزعلك معايا!! حتى عصبيتك وزعلك وحشونى ..
رفع نظره اليها وأكمل بحزن
انا كنت محضرلك مفاجأه لشهر العسل .. كنا هنروح جزيرة في البحر الكاريبي جزيرة كلها نخل ومايه زى اللي بتشوفيها في الافلام الاجنبية الرومانسية ... فاكرة لما قولتيلي يا ترى الجزر دى موجوده فعلا ولا كلام افلام وكنت بتضحكى وانت بتقولى الناس اللي بيروحو هناك مايتهيأليش زينا !! انا بأه كنت عاوز اثبت لك انهم هما اللى مش زيك ولا في زيك ابدا ... علشان خاطرى اصحى وانا اوعدك مش هزعلك تانى ابداااااا ارجووكى يا هبة ارجوووكى
في اليوم التالى وبعد مرور ال 244 ساعه على اجراء العملية الكل كان مجتمع في
صالة الانتظار ينتظرون الطبيب المسؤول عن حالة هبة كي يطمئنهم على الحال اتى الطبيب ووقف يدير نظره بينهم ثم قال
الحمد لله يا جماعه المؤشرات الحيوية بتاعت الآنسه هبة كويسة نقدر نقول انننا اجتزنا مرحلة الخطړ ..ففرح الجميع وصاروا يهنئون بعضهم البعض على نجاة هبة ولكن الطبيب قال فجأة
تساءل يوسف بقلق واضح
حاجة ايه يا دكتور انت لسه حضرتك قايل انها الحمد لله العملية نجحت..
أجاب الطبيب وهو يوزع نظراته بينهم مشفقا عليهم مما سيقوله
هى المفروض كل المؤشرات الحيوية عندها سليمة لكن هى للاسف رافضة تصحى !!
فقال أمجد وهو مقطب جبينه
يعني ايه رافضة تصحى هو بأرادتها
فقال الطبيب بهدوء
للاسف يا استاذ أمجد الانسة هبة رافضة الرجوع لعالم الاحياء عقلها الباطن مدي اوامر لمخها بكدا .. علشان كدا هى في ....كوما ...غيبوبة يعني لكن للاسف هتفوق منها امتى منقدرش نحدد لانها مش غيبوبة مرضية هى الوحيدة اللى تقدر تحدد امتى عاوزة ترجع لنا تانى ....
وكان وقع الخبر كالصاعقة تماما عليهم جميعا وفجأه اذ بيوسف يهجم على أمجد ماسكا بياقته قابضا على عنقه وهو ېصرخ غاضبا
انت السبب انت السبب منك لله .. ذنب بنتي في رقبتك حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل يااااااااااااااارب و....وقع مغشيا عليه!! ...
سريعا امر الطبيب باحضار السرير النقال وحضر الممرضون وادخلوه سريعا الى حجرة الطوارئ وبعد قليل خرج الطبيب ليطمئنهم على حالة يوسف قائلا
بسيطة ان شاء الله الضغط علي عليه فجأه من الزعل واحنا علقناله محاليل وشوية وتقدروا تاخدوه معكم وانتم مروحين بس لازم يبعد عن اي انفعالات والدوا والاكل بمواعيد ونظام لو عاوزين ممكن ارتب لكم ممرضة تكون معاه ...
فقال الجد
شكرا يا دكتور بس احنا هنعتنى بيه وتأكد اننا لو احتاجنا ممرضة اكيد هنبلغك..
ثم الټفت الى سعاد و علا وتابع بصرامة
أ. يوسف مسؤوليتكم انتو الاتنين مش عاوزين نضيع البنت وابوها كفاية البنت ربنا يقومها بالسلامة... وهو ينظر الى أمجد نظرة مليئة بالحنق والغيظ ..
تركهم أمجد وذهب الى الطبيب فهو الى الآن لا يستطيع ان يصدق ما قاله الطبيب دخل الى مكتب الطبيب حيث اشار عليه بالجلوس وبعد ان جلس استفهم منه اكثر عن الحالة فأعاد عليه نفس الكلام مرة اخرى فسأله أمجد ان كان هناك ما يستطيع عمله ليساعد على استيقاظها من غيبوبتها فقال الطبيب
على حد علمى انتو مكتوب كتابكم صح
هز امجد برأسه موافقا فقال الطبيب
في الغيبوبة بيكون فيه جزء صغير في المخ واعي للى حواليه علشان كدا في بعض الحالات بننصح اهل المړيض انهم يتكلموا معاه في زيارتهم ليه ويحاولوا يفكروه بأحداث وذكريات جميلة دى ممكن تنشط المخ وتخلى المړيض عاوز يفوق من غيبوبته اللى فرضها على نفسه .. بس ممكن أسال حضرتك سؤال
خمن امجد ماهية سؤال الطبيب واشار بالموافقة فتابع الطبيب
واضح جدا انه في عامل نفسي غير الوقعه وأثرها وعلشان نقدر نحط ايدينا على السبب لازم لو فيه اي شئ حضرتك شاكك انه ممكن يكون السبب النفسي دا تقولى عليه يعني مثلا سبب وقوعها اييه
سكت أمجد قليلا ثم روى للطبيب منذ دخول هبة فجأة الى غرفة المكتب حتى لحظة سقوطها غارقة في دمائها ...
استمع الطبيب اليه ثم هز برأسه وقال
زي ما توقعت بالظبط ...الوقت اللى هتفوق فيه هيعتمد على مدى ارادتها للرجوع للحياة تانى علشان كدا اى ذكريات او حاجات سعيده حاول تفكرها بيها واضح جدااا ان شعورها من ناحيتك قوى اووي علشان كدا انت تقدر تنمى الشعور دا وتخليه يصحى وهو اللي هيشدها لينا تانى ...
ذهب أمجد الى غرفة الرعاية ومكث ينظر من خلال الزجاج الى الجسد النائم امامه ثم عزم واتجه الى الباب وهم بفتحه فسمع صوت نسائيا ينهره بصرامه
هاي ! انت رايح فين وكالة هى من غير بواب ! ممنوع يا سيد !
ثم تقدمت منه وهى تشيح بيدها بصرامه قائلة
لو سمحت امشي من هنا دا ممنوع..
الټفت ناظرا اليها ليجد انها ممرضة اخرى واضح ان هذه هي فترتها النهارية رمقها بحدة وهو يقول بعصبية مكبوتة
امشي انت من وشي الساعه دى ...
وفتح الباب فأمسكت بذراعه وهى تصرخ بالممرضين لكى يساعدوها في منع هذا الرجل المچنون من الدخول وقالت
انت ايه فاكر نفسك ....
فوجئت بصوت الطبيب المسؤول عن الحالة وهو يقول بصرامه
خلاص يا سيستر انا اديته الاذن انه يدخل خليه يلبس الحاجات اللازمة ودخليه ...
استعد أمجد للدخول كما فعل في اليوم السابق ودخل الى غرفة العناية وجذب الكرسي ووضعه بجانب السرير حيث جلس عليه بجانبها ومد يده آخذا بيدها مقبلا اياها مستمرا في الكلام معها يحكي لها كيف انه في غاية الاشتياق لها وانبرى يتحدث معها في ذكريات عديدة جمعت بينهما حتى مر موعد الزيارة فغادر مقبلا اياها على جبينها واعدا اياها بانه سيأتى ثانية ...
استقر أمجد في جناحه في المشفى الذي يملك غالبية أسهمه بينما تولت علا ومدام سعاد أمر العناية ب يوسف والذي استعاد عافيته بالتدريج واصبح يذهب لزيارة ابنته حيث يقوم بالحديث اليها كما قال الطبيب وكان أمجد يختفي في هذه الاثناء كى لا يراه وينفعل ثانية ويحدث ما لا يحمد عقباه ...
جلس أمجد بجانبها وبدأ الكلام معها مثلما يفعل دائما وهو ممسكا يدها ثم قال لها بحب
فيه حاجه لازم ارجعهالك...
اخرج الدبلة وخاتم الزفاف من جيب سترته والبسها اياهم ثم قبل يدها وهو يقول
دوول مكانهم هنا وهيفضلوا هنا .. واوعي تفكري تقليعهم من ايدك ابداااا هبة ل أمجد و أمجد ل هبة ومافيش حاجه هتفرق بينهم ابدااااااا...
ثم قبل يدها وأسند جبينه على اصابعها واذ به يشعر بارتعاشة طفيفة بين يديه فرفع رأسه مذعورا وهو يرى ارتعاشة طفيفة لا تكاد تظهر في اصابع يدها صعق ولم يصدق عينيه وفجأة اذ به يسمع أزيزا صادرا من الجهاز المسؤول عن حالة القلب اړتعب مما يرى وقام مسرعا وهو يهتف
دكتور دكتووور هاتولي دكتور بسرعه
حضرت الممرضة سريعا وبعد ان عاينت الوضع اتصلت بالطبيب وفجأة اذ بغرفة العناية تمتلئ بالاطباء والممرضات واستطاع الطبيب المعالج اقناعه بعد جهد طويل ان ينتظر بالخارج ...
أخذ أمجد يروح ويجئ بالمكان كالليث المحبوس في قفص ..وهو يزفر ويخبط قبضة يده براحة الاخرى ... مر وقت طويل قبل ان يخرج الطبيب المعالج وباقي طاقم الاطباء وقف الطبيب امامه ينظر له بجدية بالغه وتعبير وجهه صارم للغاية مما جعل قلب أمجد يوشك على الكف عن النبض وشحب وجهه وتفصد عرقه غزيرا من جبينه وهو يبتلع ريقه بصعوبة ويقول بفزع
خير يا دكتور طمني !
تنهد الطبيب طويلا ووضع يده على كتف أمجد وقال
حضرتك قوي ولازم تستحمل المفاجأة علشان انت اللى هتبلغ عيلتك ووالدها اومال ابوها بأه هيعمل ايه
اخفض أمجد رأسه واخذ يهزها يمنة ويسرى وهو يعبث باصابعه في شعره ويقول بحزن مخټنق بدموع لم تذرف بعد لا .. لا .. مش مصدق .. مش ممكن ...
فقال الطبيب وشبح ابتسامه يلوح في وجهه لم يرها أمجد
ليه انا قولتلك احنا دكاترة بس مانعرفش الغيب ومش منجمين وربنا هو الشافي المعافي واحنا اسباب في ايد المولى عز وجل ...
رفع أمجد راسه بحدة ناظرا بدهشة الى الطبيب وهو يقول باستغراب شديد
قصدك ايه يا دكتور
أجاب الطبيب وهو يضحك بملئ فيه
ما تبئاش تنسى تعزمنى ع الفرح يا عرييس ....
سكت أمجد هنيهة ليستوعب كلام الطبيب ثم