هوس من اول نظرة بقلم ياسمين عزيز

موقع أيام نيوز

 


عشان كده 
جبتكوا هنا الليلة و بكرة إن شاء الله 
هغير ديكور الفيلا و أجيب عفش 
جديد 
تنهدت بصبر و هي تأخذ علبة البيتزا 
حتى تأكل منها القليل لكنها إكتشفت انها 
كانت جائعة جدا بعد أن حرمت من طعام 
غدائها بسبب إقتحامه للمطعم إنتهت 
لتأخذ بعض الملابس من الحقيبة 

و تدلف حتى تغير ثيابها و لم تنس طبعا 
وضع الحجاب 
رغم ضيقه من تصرفها إلا أن صالح كان حريصا
على أن لا يشعرها بالضيق مهما فعلت فهو
لحد الان لا زال لا يصدق أنها موجودة معه
في مكان واحد و قد عادت لتنير حياته
الكئيبة من جديد و معها طفلين لم يكن ليحلم
بوجودهما حتى نزع حذاءه ثم تمدد بجانب 
بنعاس و هي تقول انا هنزل أنام في الاوضة
اللي تحت و إنت نام مع الاولاد 
سارت باتجاه بالباب لكن صوته الرخيم أوقفها
إستني 
إلتفتت لتجده يشرف عليها بجسده الضخم
و ملامحه الحادة الوسيمة التي لطالما أرقت
منامها بتلك الكوابيس المخيفة شهقت
بړعب ظهر جليا من خلال قسمات وجهها
المذعورة و هي تتراجع إلى الخلف رافعة
عينيها الخضراء نحوه و التي بدأت و كأنها
رأت وحشا أمامها 
و على الفور أدرك صالح أنها لازالت تعتقد أنه
سيعاملها كما في الماضي ليتراجع بخطواته
هو أيضا إلى الوراء مبعدا يديه وراء ظهره
و هو يقول باعتذار 
انا آسف مكانش قصدي انا بس كنت
هقلك إني مينفعش انام مع الاولاد عشان هما 
مش متعودين عليا و يمكن يصحو بالليل
عاوزينك انا هنزل خلاص و لو عزتي أي 
حاجة إندهي عليا تصبحي على خير 
اخفض رأسه ثم سار باتجاه الباب تاركا 
يارا تسترجع أنفاسها و هي لا تصدق انه 
ذهب بهذه السهولة و تركها سالت دموعها 
و هي تتخيله يجبرها على النوم بجانبه 
كما في الماضي مرددا كلمات عشقه المزيف في 
أذنها لقد نقلت لها سارة أخباره طوال تلك 
المدة التي كانت تسمعها من أمير زوجها و علمت 
انه هو الاخر ټعذب كثيرا بعد إختفائها لكن 
ذلك لك يكن ليشفع له عندها فهو المسؤول 
الأول و الاخير عن عڈابها لأكثر من خمس سنوات 
دلفت إلى الحمام بعد أن اخذت بعض 
الملابس البيتية من الحقيبة ثم غيرت 
ثيابها و تركت شعرها منسدلا على ظهرها 
قبل أن تطفئ الانوار ما عدا أنوار المصابيح 
الموضوعة بجانب السرير من الجهتين 
دثرت نفسها بالغطاء و إحتضنت صغيريها 
محاولة منح جسدها و عقلها بعض الراحة 
إلا أن الأمر بدا صعبا جدا مع رائحة 
عطر صالح التي كانت تنتشر على الوسادة 
و الفراش 
تقلبت للمرة التي لا تعلم عددها و هي تحبس 
أنفاسها حتى لا تتسلل لها تلك الرائحة 
التي تمقتها و تذكرها بماضيها المليئ
بالعڈاب و رغم 
انها قد أحضرت بعضا من ملابسها و نشرتهم 
على كامل الفراش و الوسائد إلا انها لم 
تستطع بتلك الحيلة الفاشلة منع الرائحة 
من الانتشار و التسلل داخل أنفها 
فجأة توقفت عن الحركة و تجمدت في مكانها 
متشبثة بالغطاء عندما سمعت صوت الباب 
يفتح دقات قلبها كانت تقرع كطبول الحړب 
بينما جف ريقها و تسارعت أنفاسها 
پخوف و هي تقسم انها لو نجت فلن تبق 
يوما آخر هنا 
صوت خطواته تناهت إلى مسامعها 
لتغمض عينيها بقوة ممثلة النوم بعد أن 
شعرت بصالح يقترب منها كان جسدها 
يرتجف و حدقتي عينيها تتحركان بعصبية 
تحت أجفانها و هي تستعد في أي لحظة حتى 
تصرخ 
سمعته يتوقف حذوها و
يضع بعض الاشياء
على طاولة الكومودينو و هو يتحدث بهمس 
مټخافيش انا صالح جيتلك شوية أكل و مية 
عشان لو الاولاد جاعوا بالليل 
تنفسحت بارتياح في تلك اللحظة بعد أن كاد 
ينقطع عليها الأوكسجين قبل أن تجيبه 
هي الأخرى بهمس مماثل 
شكرا 
كانت تلتفت إلى الجهة الأخرى نحو أطفالها 
لكن رغم ذلك لم يستطع صالح مقاومة 
رغبته في تقبيل شعرها الذي كان يظهر من 
تحت الغطاء مما جعل يارا تنتفض لكنه 
سار بهدوء نحو الجهة الأخرى و قبل صغاره ثم 
غادر مغلقا الباب وراءه 
صباحا إستيقظت يارا على صوت ضوضاء 
في الغرفة فتحت عيونها المرهقة بعد ليلة 
طويلة قضتها دون نوم تحدث ريان الذي 
شعر بها تستيقظ 
صباح الخير يا مامي شوفي بابي جابلنا إيه 
رفعت رأسها نحو الصغير الذي كان يقفز 
فوق السرير بسعادة و يرتدي ملابس جديدة 
و هو يحرك يديه واصفا لها 
انا و سليم بقى عندنا أوضة كبيييييرة 
لوحدنا و فيها دولاب كبيير اوييي و فيه 
هدوم كثييييرة و العاب ماما انا عاوز 
أفضل هنا مش عايز أرجع عند تيتة سوليأم 
إبراهيم 
ضحكت يارا و هي تتجلس على الفراش 
حتى تجذب الصبي نحوها و تقبله قائلة 
صباح الخير يا
قلب ماما يعني خلاص 
شفت الألعاب نسيت تيتة أم إبراهيم بقيت 
مش عاوزها 
حرك ريان راسه بنفي و هو يصحح لها 
لا انا عاوز تيتة تيجي تعيش معانا هنا 
رفعت يارا حاجبيها و هي تبتسم على 
فكرة طفلها التي ستجعلها تشعر بالأمان اكثر 
في هذا المكان حملته و انزلته على الأرض 
و هي تسأله 
بابي و سليم فين 
أشار لها نحو الباب قائلا 
في الاوضة 
همهمت يارا بتفكير ثم قالت 
طب روح عندهم و انا هغسل وشي و أغير 
هدومي و الحقكوا 
سارع الصبي نحو الخارج ليتلحق بوالده 
و شقيقه اللذين كانا يلعبان في الغرفة 
بينما دلفت هي إلى الحمام حتى تغتسل و تغير 
ملابسها و هي لا تزال تفكر في طريقة حتى 
تقنع أم إبراهيم بالمجيئ 
حمل صالح صغيره حالما دخل إلى الغرفة 
ليسأله بحماس 
صحيت ماما 
اومأ له ريان مجيبا أيوا و قالتلي هتيجي 
بعد شوية بتغير هدومها يا بابي 
همس ريان في اذن والده و كأنه يخبره 
سرا خطېرا ثم بدأ يتململ حتى يتركه 
لينضم إلى شقيقه الذي كان مشغولا 
بتركيب القطار الضخم لكن صالح أوقفهم
قائلا 
كفاية لعب دلوقتي عشان ننزل نفطر 
مع مامي 
إجتج سليم الذي كان يرغب في اللعب 
بس إحنا فطرنا يا بابي مامي هي اللي 
صحيت متأخر 
صالح بحزم ميصحش نسيب مامي لوحدها 
هتزعل مننا يلا يا حبابي الأوضة مش هتهرب 
هنفطر و نرجع هنا من ثاني 
سليم بضيق بس انا شبعان مش عايز آكل 
جلس صالح على ركبتيه أمامه حتى يقنعه 
مقترحا طب إيه رأيك إن الجنينة برا مليانة 
ألعاب كبيرة زي اللي في الملاهي 
لمعت عينا الصغير بفرح الذي هتف بحماس 
بجد يا بابي 
اومأ له صالح طبعا و هجيبلكوا العاب ثانية 
كثيرة اوي عشانكوا 
رفع سليم ذراعيه نحو والده حتى يحتضنه
قائلا أنا بحبك اوي يا بابي يا ريت تفضل 
معانا على طول 
إنظم إليه ريان مضيفا إحنا مش عاوزين 
الألعاب إحنا عاوزين بابي يبقى معانا على 
طول زي أدهم إبن انكل أمير 
سليم مؤيدا و هو يضع القطار من يده على الأرض ايوا يا بابي انا مش عايز ألعاب المهم خليك
معانا و متسافرش ثاني مامي قالت انك 
بتشتغل عشان تجيبلنا هدوم و لعب كفاية 
دول و إحنا مش هنطلب حاجة ثاني و هنقعد 
عاقلين 
ضم صالح طفليه الاخر نحوه و هو يتخيل 
كيف كانا يعرفانه و يشتاقان إليه بينما هو لا 
يعلم بوجودهم أصلا ليسأله بفضول 
قولولي يا حبايبي هي مامي كانت بتجيلكوا
لعب و هدوم كثيرة 
سليم ببراءة أيوا إحنا كانت عندنا لعب 
كثير بس مش مامي اللي بتجيبهم 
صحح له ريان قائلا مامي جابتلنا 
كورة و عربية صغيرة المرة اللي فاتت 
سليم بتفكير العربية الزرقاء 
ريان اه يلا يا بابي احسن مامي 
تزعل 
كان صالح يريد أن يسألهم اكثر حتى يعلم 
كيف كانت يارا تعيل أطفاله فطوال ليلة 
البارحة و هو يفكر و ما إن دقت الساعة 
السابعة حتى صعد إلى الجناح بهدوء 
ليجد الطفلين قد إستيقظا للتو بينما 
يارا كانت نائمة أخبرهم ان يتحركوا 
بهدوء حتى لا يوقضوها ثم أخذهم للأسفل
و طلب من المحل الذي تعود على شراء 
ملابس يارا الصغيرة منه أن يرسلوا له 
مجموعة من ملابس الأطفال من أجل طفليه
و كذلك ملابسا أخرى من أجل يارا زوجته 
فقد لاحظ ملابسها البسيطة التي كانت 
ترتديها 
تناول معهم طعام الإفطار و قد إستمتع كثيرا 
في المطبخ و هو

يعد لهم طعامهم المفضل 
ثم ساعدهم في الاستحمام و تغيير ملابسهم 
حتى دقت الساعة العاشرة صباحا ليرسل 
ريان حتى يوقظ والدته التي تأخرت كثيرا 
في النوم 
خرج من الغرفة و هو يمسك بأيديهم 
ليجد يارا تقف أمام باب الجناح و يبدو أنها 
قد خرجت للتو حتى تبحث عنهم ركض 
نحوها سليم حتى ترى ملابسه الجديدة 
لتبتسم له يارا التي كانت ترتدي فستانا
بسيطا ذو لون داكن و معه حجاب جعل 
صالح يشعر بالضيق لكنه اضطر إلى مسايرتها 
حتى يكسبها اولا 
صباح الخير 
هتفت بصوت منخفض ثم إبتسمت لطفلها 
الاخر ليجيبها صالح 
صباح النور نمتي كويس 
يارا باقتضاب أه بس صحيت متأخر 
عشان إمبارح نمت متأخر يمكن عشان المكان جديد 
عليا 
صالح بحنو طيب خلينا نفطر و إرجعي
نامي لو عاوزة 
يارا هما الاولاد لسه مفطروش انا هنزل 
أجزلهم الفطار حالا 
أوقفها صالح قائلا لا مفيش داعي هما 
فطروا و إستحموا و لبسوا الهدوم الجديدة
بس عاوزين يفطروا مع مامي عشان متقعدش
لوحدها 
إبتسمت يارا لهم قائلة بجد عملتوا كل داه 
الظاهر إني كنت في غيبوبة محستش بحاجة 
صالح و هو يفرك عنقه بتردد خلينا ننزل عشان 
نفطر و بعدين عاوز أتكلم معاكي في موضوع مهم 
يارا و هي تظن أنه يقصد موضوع بقائها هنا 
تمام 
بعد أقل من ساعة كانا يجلسان في الحديقة 
يراقبان الطفلين الذين كانا يستمتعان باللعب 
في تلك الألعاب الضخمة لتسأله يارا لفضول 
إنت إشتريت اللعب دي إمتى متقوليش 
النهاردة الصبح 
صالح بنفي لا أغلب اللعب هنا ليارا الصغيرة 
أصلي بجيبها تبات عندي يومين كل شهر 
و لما كان عمرها ست شهور مامتها سابتها عندي 
و سافرت مع هشام عشان يتعالج قعدوا كثير 
حوالي سنة عشان كده يارا قريبة مني جدا و بتعتبرني أبوها الثاني 
صمت قليلا و هو يتابع و قد تحشرج صوته 
و هو يحكي لها بعض الأحداث التي حصلت 
في الماضي 
انا اللي سميتها يارا على إسمك كنت مقرر
أسافر أمريكا و مرجعش مصر ثاني بس لما عرفت 
إني إنجي حامل ببنت مش عارف إزاي غيرت
رأيي و فضلت اربع سنين عايش چثة من غير 
روح كنت حاسس بڼار جوايا مش عايزة
تطفى حتى بعد ما ماتوا هما الاثنين كنت فاكر 
إني هرتاح بس بالعكس فضلت سنتين بتعالج 
عند دكتور نفسي بس من غير فايدة لغاية 
ما عرفت إن مفيش حاجة هتريحني غير المۏت 
بس إمبارح لما شفتك حسيت إن العالم وقف
حواليا مبقتش سامع اي 
صوت أو شايف حد غيرك إنت و لما عرفت 
إن أنا عندي ولدين 
مسح دموعه التي ملأت عينيه و هو يتابع 
مش قادر أوصفلك إحساسي كنت زي 
اللي قضى حياته في اوضة ظلمة و فجأة 
شاف النور لو عايزة تبعدي عني و تاخذي 
الولاد انا مش هقدر امنعك و مش هسيب 
حد يتعرضلك بس انا مش عايز أرجع 
الظلمة ثاني خليكي هنا و انا اوعدك مش 
هتشوفيني أبدا انا بس عايز اشوف ولادي 
مش هقدر أعيش من غيرهم انا هفضل 
في الاوضة اللي تحت و إنت خليكي فوق 
مع الاولاد هنقل هدومي و هديكي مفتاح 
الجناح إعملي أي حاجة المهم خليكي هنا
متحرمنيش من ريان و سليم 
كان يائسا لدرجة جعلت يارا تشفق عليه 
لم تر به صالح الجبار 
الذي لم تكن تتنفس في الماضي إلا 
بأمره و لا ذلك القاسې الذي كان يستمتع 
بعڈابها لتهتف دون شعور منها 
لا انا مش همشي بس خلي طنط 
أم إبراهيم تيجي تعيش معانا هنا 
هز صالح حاجبيه بدهشة من سهولة 
موافقتها فهو كان يعتقد أنها لن تقبل 
و ستخبره عن رغبتها بالرحيل ليوافق 
على طلبها على الفور رغم تنبأه بأيام 
صعبة في المستقبل بسبب تلك المرأة 
التي من الواضح انها ستحول حياته إلى چحيم 
اعملي
 

 

تم نسخ الرابط