رواية للكاتبة ندى محمود
المحتويات
دمعة متمردة من عيناه دمعة ألم وندم رآها تحرك رأسها بعفوية وټدفن وجهها بين ثنايا رقبته فټضرب أنفاسها الدافئة والرقيقة بشرته الخشنة اغمض عيناه حتى يتحكم بالشعور الذي داهمه للتو وفورا اعتدل في جلسته قبل أن يزداد الأمر سوءا لف ذراع خلف ظهرها والآخر في منتصف قدمها يحملها على ذراعيه ويتجه بها نحو الدرج قاصدا غرفته وهو يتمتم
استمر في صعود الدرج حتى انتهي وسار في الردهة المؤدية لغرفتهم وفتح الباب بقدمه ليدخل ويتجه بها نحو الفراش ثم ينحني للأمام قليلا ويضعها برفق فوقه ويسحب الغطاء على جسدها فتحت هي جزء من عيناها تتطلع إليه بنعاس وعدم ادراك للوضع لكن حين أظلمت الغرفة انتبهت حواسها وهتفت بنعاس وضيق
_ أنا قاعد معاكي ياجلنار مټخافيش
سمعت صوته فقط ولم تدرك ما يقوله حتى أنها لم تعلق مرة أخرى على الضوء واستسلمت لسلطان نومها
فتح عيناه بصباح اليوم التالي عندما تسلل الضوء لعينه مسببا له الإزعاج الټفت برأسه للجانب فلم يجدها بجواره استقام جالسا ونزل من الفراش وكان سيهم بالذهاب للحمام لولا أن صوت رنين هاتفه أوقفه عاد خطوتين للخلف والتقطه يجيب على المتصل بحزم
_ أيوة ياعدنان بيه نادر ملوش أي أثر
أجاب عليه بغلظة صوته الرجولي
_ طيب خلاص اقفل دلوقتي
انهي معه الاتصال وغمغم لنفسه بعينان تلمع بوميض شيطاني مخيف
_ هتفضل مستخبي مني زي لغاية امتى يعني مسيري هجيبك
القى بالهاتف على الفراش في عدم مبالاة وسار نحو الحمام حتى يأخذ حمامه الصباحي قبل أن يغادر المنزل وبعد دقائق طويلة نسبيا خرج من الحمام وهو يرتدي بنطال فقط ويترك قطرات الماء تتساقط من شعره فوق وصل إلى خزانته وأخرج ملابسه ثم بدأ في ارتدائها وبعد برهة من الوقت انتهي وغادر الغرفة ومنها إلى الدرج حيث نزل درجاته على عجلة وهو يتفقد ساعة يده
_ صباح الخير ياهنايا
هنا بإشراقة وجه ساحرة
_ بابي هنروح بليل فرح خالتو زينة
عدنان باستغراب وهو يبتسم لها
_ مين قالك إن الفرح النهارده !
هنا بعفوية وهي تزم شفتيها بيأس
رمقها بدفء وحنو فيغمز بمداعبة هامسا
_
إنتي عايزة تروحي
أماءت برأسها في إيجاب بابتسامة تملأ وجهها الصغير ثم وجدته يعود ليسألها بترقب أكثر
_ ومامي
هنا بخبث طفولي جميل محاولة إخفاض نبرة صوتها
_ أيوة عايزة تروح تمان كمان
سكت لبرهة يتصنع التفكير وهو يبتسم لها بمكر ومشاكسة ثم يتنهد بالأخير مغلوبا على أمره
صاحت بفرحة غامرة وتعلقت برقبته في قوة هاتفة
_ بحبك أوي يابابي
_ وأنا كمان بحبك أكتر ياروح بابي
فتح الباب وألقى نظرة بعيناه أولا وعندما تأكد من وجودها دخل واقترب منها بخطوات متريثة وقف خلف مقعدها تماما واستند بكفيه فوق الحافة العلوية من المقعد ينحنى عليها قليلا من الخلف هامسا بالقرب من أذنها
_ جهزي نفسك بليل عشان نروح خطوبة زينة
فزعت قليلا من صوته المفاجيء خلفها والتفتت برأسها له تتطلعه مدهوشة ثم هدرت أخيرا بعد لحظات من الصمت
_ هو إنت رايح !!
حرك حاجبيه بمعنى لا
واجاب عليها في لطف
_ كنت ناوي إني مروحش مليش مزاج احضر افراح يعني بس بما إنك إنتي والأميرة الصغيرة حابين تروحوا خلاص هروح عشانكم
رفعت حاجبها بابتسامة ماكرة تفهم جيدا محاولاته في نيل رضاها وتلافي أخطائه بكل الطرق المتاحة أو تعويضها بمعنى أدق ولكن يؤسفها أن تعترف بأن جميع محاولاته البائسة لن تطفيء نيرانها بسهولة
ردت عليه بجمود تام
_شكرا
لم يعقب على جمودها معه فهذا هو المتوقع ولو فعلت العكس سيكون الأمر ليس طبيعي بالنسبة له
_ العفو يارمانتي
لكنها رجعت برأسها للخلف
_ عدنان !
تلاشت ابتسامته وهز رأسه لها بتفهم حتى لا يغضبها أكثر ثم غمغم بهدوء
_ لو عوزتي حاجة لغاية بليل كلميني
أماءت برأسها في إيجاب ومعالم وجه حازمة بينما هو فأصدر زفيرا حارا قبل أن يستدير وينصرف
في تمام الساعة الثامنة مساءا
يجلس على المقعد
بالأسفل وفوق قدميه تجلس صغيرته التي ترتدي فستان قصير ورائع يناسب حجمها وطولها ومن اللون الوردي مزخرف بنقوش صغيرة على شكل فراشات من نفس لونه كانت تتحدث مع أبيها بمرح وصوت ضحكتها الطفولية ترتفع في أرجاء المنزل تارة هو يبادلها الضحك وتارة يكتفى بابتسامته ويتولى هو مهمة مداعبتها
رفع رسغه لمستوى نظره يتفقد الساعة حول يده فتأفف بنفاذ صبر وانزل هنا من فوق قدميه وهو يهتف
_ خليكي هنا يابابا هروح اشوف ماما اتأخرت ليه
أماءت له بالموافقة وتابعته وهو يصعد الدرج حتى اختفى عن انظارها
فتح باب الغرفة ودخل وكان على وشك أن يتحدث لولا أنه بلع كلماته في حلقه فور رؤيته لها تأملها بإعجاب للحظات فقط حبست أنفاسه بذلك الفستان الذي ترتديه وشعرها الذي تترك
متابعة القراءة